عندما نتحدث عن المرأة الموهوبة، أو عن المرأة الناجحة لايسعنا أن نتجاهل كمية القصص الملهمة لأمهات لم تكن الأمومة عائقا بالنسبة إليهن لتحقيق أجمل الإنجازات، وما أفخر به بشكل شخصي وأحتفي به في مدونتي هذه هو قدرة بعض الأمهات على إعطاء العناية المطلوبة لأطفالهن، والاهتمام بأحلامهن أيضا والسعي وراءها سواء كان بوظيفة بدوام كامل، أو مشروع خاص، أو مسيرة حافلة في طريق ريادة الأعمال.
ومن هؤلاء الأمهات كان لموهبتي لقاء مع أم لم تكتف بكونها أم رائعة وموظفة بدوام ثابت فقط، بل حرصت على إفادة باقي الأمهات اللاتي يرغبن بالعودة إلى العمل من خلال موقع رسمي يغطي كافة اهتمامات الأم العاملة، ويقدم ورشات لمساعدتهن على تحقيق التوازن في حياتهن بين الأمومة والعمل، كما يطرح مشكلات مجتمعية تواجه الأم العاملة، سواء بين الأشخاص المحيطين أو التنمر الذي يحدث بشكل حقيقي في المؤسسات ضد المرأة العاملة والأم.
ولقد تعرضت بشكل شخصي لهذا التنمر، لهذا فأنا أشعر بكل ما تقدمه " ميرا الحوراني من خلال موقعها " كلنا أمهات" سواء بقصص الأمهات العاملات الملهمة أو تحدياتهن، أو من خلال المحتوى الزخم الذي تقدمه على وسائل التواصل الاجتماعي أيضا.
وفي مقابلنا مع ميرا تعرفنا على قصتها الملهمة وراء نجاح "كلنا أمهات".
بداية القصة
كيف بدأت مشوار الكتابة وصناعة المحتوى؟
نقطة البداية التي جعلتني اكتشف شغفي هي حينما عملت في أحد الشركات الكبيرة التي كانت قدمت لتعاون كبير مع شركة تختص بالمنتجات التي تهم الأم والطفل.
حيث كنت أقوم ببحث من أجل إيجاد الخطة التسويقية المناسبة لإقناع الأمهات باستهلاك هذا المنتج.
وكان الوتر الحساس الذي تشترك فيه جميع الأمهات هو الشعور بالذنب تجاه أطفالهن، وبناء على هذا الشعور تم إنشاء الخطة التسويقية.
وفي هذه المرحلة كنت حاملا بطفلي الأول، حيث اعترتني مشاعر الأمومة والدراسات التسويقية التي كانت بين يدي، وبين مشاعر الأم ومشاعر حبي للعمل فاخترت هذا الطريق..
وقررت أن أبدأ بشكل جاد، كمدونة تكتب عن الأمومة وتجربتها كأم عاملة..
أم مدونة والتنمر
كانت البداية صعبة جدا، فقد كنت أكتب مقالات على موقعي الالكتروني الذي ساعدني أحد أقاربي على إنشائه بمبلغ بسيط في البداية، بالتوازي مع محتواي الخاص على أنستغرام، وكانت تجربتي حينها كأم مدوِنة تشارك حياتها مع أطفالها، لكنني تعرضت لكثير من المضايقات والتنمر، ووجدت نفسي أبتعد عن هدفي الرئيسي الذي وضعته بداية
وهو إفادة الأمهات..
ووجدت أنني أخطو طريق الشهرة الذي لم أكن أحبه، وكنت مترددة في الاستمرار بعرض صور وتفاصيل من حياة أطفالي على السوشل ميديا، حيث وصل التنمر والمضايقات إلى مدرسة طفلتي،
وفي لحظة قاسية من حياتي حيث تراكمت علي كثير من الضغوطات ممن حولي، حيث لم يكن أحد يشجعني ويقدر عملي قمت بحذف جميع ما نشرت بهدف حماية أولادي.
وابتعدت عن السوشل ميديا وعن موقعي لمدة ست أشهر.
استراحة ثم عودة
لكن شرارة التدوين والرغبة في الكتابة للأمهات لم تنطفأ بعد.
تطورت مشاعريا خلال فترة الراحة، ونهضت من جديد بعد أن قررت أن أغلق مسامعي عن آراء الناس واعتقاداتهم وبدأت برحلتي الحقيقية مع موقع كلنا أمهات،
قررت هذه المرة أن أضع فيه خبرتي كمسوقة محترفة وأنتجه بشكل مناسب للمجتمع بحيث يغطي الرسالة التي أقصدها من ورائه بشكل واضح.
كانت رسالتي هي دعم الأم العاملة التي تشعر بالذنب تجاه أطفالها ولا تستطيع علاج الفوضى المشاعرية الداخلية بسبب الضغط الملقى عليها من طرف المجتمع، حيث كان دائما عليها الاختيار بين أطفالها أو العمل.
وأنا كامرأة طموحة أقدر قيمة العمل والمسار الوظيفي وأشعر بالمرأة التي تكافح لتحقيق هذا الحلم، كما أنني أم شديدة العاطفة تجاه أطفالي وأحب أن أعطيهم أجود ما لدي كأم. فكيف التوفيق بين هذا وذاك؟
أول موقع عربي للأم العاملة
حاولت أن أضع إجابة لهذا السؤال من خلال موقع كلنا أمهات، وتعاقدت مع أخصائيين متمكنين في مجالهم كدعم للمرأة العاملة والأم. فتعاونت مع مختصين في الاستشارات النفسية، والكوتشينج، والتطوير الوظيفي وأخصائيي التربية،
وهو أول موقع عربي للأم العاملة حيث يتطرق لهذه الجزئية من حياة المرأة الطموحة التي يتم توجيهها لأحد الخيارين من المجتمع، إما أن تكوني عاملة وطموحة وترضي بلقب الأم المهملة، أو تكوني أم مثالية وتستغني عن طموحاتك وعملك.
لم تكن تعني لي هذه الألقاب شيئا لكنها كانت تواجه كثير من الأمهات الطموحات، وبفضل الجلسات والورشات التي نقدمها من خلال الموقع وجدنا دعم للفكرة التي نتحدث عنها، ووجدنا العديد من الأمهات الطموحات التي تشاركنا نفس الأفكار، وبدأنا نتحدث عن هذا الموضوع بصوت أعلى كان من الصعب تمييزه سابقا.
ونحن إذ نتكلم عن المرأة الطموحة لا نتحدث فقط عن المرأة العاملة، ولكننا نتحدث عن تلك الأم التي اختارت أن تعطي نفسها الدعم الذي تستحقه سواء عبر مشروع خاص أو أن تكون رائدة أعمال، أو حتى متطوعة للكتابة في أحد المواقع أو المدونات، هدفنا أن يكون لكل أم صوتها الذي تعبر عن نفسها من خلاله، ولا تحيط نفسها بفكرة أن الموازنة بين العمل والأطفال صعب ومرهق.
على الرغم من الإرهاق الذي مررت به إلا أنني أدركت أن عملي يعني لي الكثير من السعادة، وهي التي أنقلها لأطفالي باستمرار، كما أنه يؤمن لهم حياة أكثر استقرار وهم يقدرون ذلك.
هناك بعض الأمهات التي تحب أن تتفرغ لأطفالها ولا مشكلة بذلك، المهم أنها راغبة بذلك وهو الشيء الذي تريده بحق، وليس خوفا من الأصوات الخارجية من حولها.
محطات ومطبّات
وكرائدة أعمال عانيت الكثير لإيصال رسالتي، ومررت بمعيقات كثيرة، ولكنني قررت أن أعطي الطاقة التي كنت أستهلكها بشكل حاد في وظائفي السابقة، لعملي الخاص ولرسالتي الخاصة، لقد كنت أعمل لساعات طويلة وبدوام طويل وأصر على إبقاء أطفالي مستيقظين لأكبر وقت ممكن حتى أعطيهم اهتمام ورعاية الأم والوقت النوعي الذي أقضيه معهم بأقصى ما أستطيع، ولهذا أنا أشجع لأن تتفرغ الأم لأطفالها أول سنتين من إنجابها للطفل ثم العودة للعمل مرة أخرى بقوة، على الرغم من الصعوبات التي تواجه كل أم عند عودتها لسوق العمل بعد فترة أمومة طويلة إلا أن الرحلة تستحق العودة برأيي ..
والعمل مهم وكل ما على الأم فعله هو تثقيف نفسها على كيفية الموازنة بين حياتها كأم وعملها وطموحها، وتخفض صوت الشعور بالذنب الذي يقلقها.
لقد نجحت بالقضاء تماما على الشعور بالذنب وأنا راضية عن عملي ومشروعي وعن حياتي كأم مع أطفالي حيث أقدم لهم أجود ما عندي، ولدي خطة تقاعد مبكرة عندما يصل أطفالي مرحلة المراهقة، لأنني أعتقد أنها الفترة المثالية لقرب الأم من أطفالها، وأستغل هذه الفترة من حياتي لبناء نفسي ومستقبلي ومستقبلهم.
وهذه هي نقطة البداية لرسالتي حيث أساعد الأمهات في تجاوز هذا الشعور أيضا وعيش حياة هادئة كأم عاملة.
موقع "كلنا أمهات"
لقد شاركت قصص عديدة لأمهات ناجحات، لم تكن الأمومة عائقا في طريقهن نحو تحقيق أحلامهن، وكانت هذه القصص بمثابة قناديل تضيء طريقي أيضا، حيث تلهمني كل قصة بشكل فريد، وتلهم جميع الأمهات العاملات التي تحتاج إلى جرعة من الأمل والتحفيز لإكمال مشوارها.
ويحتوي الموقع على خدمات الاستشارات النفسية للأمهات والمراهقين ، وتطوير العمل للأمهات واستشارات تربية الأطفال، ويحتوي أكثر من ٥٠٠ مقال، ومطبوعات مجانية محضرة من أخصائيين تربويين، وورشات مخصصة للأم العاملة .